top of page

قصيدة بقلم الاستاذ ناصر بن عبد العزيز العرفج

لقد عرفتك يا دكتور مجتهداً           ففي المعارف ماكلت ركائبكم  

وما توقف مساعاكم و ماوهنت          وما يخيب مجد في محولة  

كما تبوئتم في العلم مرتبة           لك الريادة في تاسيس دائرة  

بنيتموها مشيداً لا صدوع به          مسيرة كلها جد و تضحية  

لك التحية يا أزدي و مبعثها          وما أريد بها زلفى لدى أحد  

وليس هذا لنا طبعاً و لا خلقاً          مشاعر الود و الإعجاب مصدره  

ختام نظمي دعائي بالشفاء لكم           ييشفيك يا يوسف السلوم مقتدر  

صلاة ربي على المبعوث سيدنا          و مخلصاً في دروب الخير ترعاها

وغذت السير في عزم يقويها          عزانئم الجد أو ضاقت بمسعاها

تحقق الشرط في إنجاح مبغاها          لها الصدارة في أبهى معانيها

توازن الصرف بالإراد، توصيها           متوج بسلاح العلم بانيها

 نزاهة ، سمعة ، عطر يزكيها           متانة الود في ارقى معانيها

 أو مأرب يقتضى نفعاً و تنويها           مبادئ ترتقي عما ينافيها

 أصوغها في قوافي الشعر أبديها           من الرحيم بحال العبد راعيها

 يحيي العظام رميماً فهو باريها           ما أشرقت شمس نجد في نواحيها

رثاء الدكتور يوسف السلوم

بقلم الاستاذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف

رأيت أخا الدنيا وإن بات آمنا         على سفر يُسرى به وهو لا يدري

بالأمس القريب رحل أخوه الفاضل عبد الله بن إبراهيم السلوم، وقبله بفترة ليست بالبعيدة غادر الحياة أخواه: محمد ود. حمد – زميلنا بدار التوحيد بالطائف – عامي 71-1372هـ، واليوم الخميس 21-7- 1429هـ لحق بهم شقيقهم الدكتور – لواء – يوسف بن إبراهيم السلوم – رحمه الله – بعد صراع طويل مع المرض الذي نغّص عليه حياته، وجعله يعيش قلقاً متنقلاً ما بين منزله ومستشفى القوات المسلحة، مع تجدُّد أحزانه على فقد إخوته الثلاثة، وتتابعهم الواحد تلو الآخر حتى وصل دوره فلحق بهم – رحمهم الله جميعاً -، وقد خيم الحزن على أجواء أسرة آل سلوم ومحبيهم، حيث انتهت أيام الإخوة الأربعة – الكبار – من أيام الدنيا، وهذه سنّة المولى في خلقه: قادمٌ وراحلٌ ..، ولقد تكرر أمام ناظريه هز نعوشهم صَوب المقابر مراقد الراحلين مما جعل همّ الرحيل يساوره ويقلقه، ولسان حاله يتمثل بهذين البيتين:

أؤمِّل أن أحيا وفي كل ساعة        تمر بي الموتى تهز نعوشها

وهل أنا إلا مثلهم غير أن لي        بقايا ليال في الزمان أعيشها!

وقد استوفى حقه من ليالي العمر – رحمه الله – بعد ما عاش مع أسرته وبين إخوته في أجواء جميلة يسودها الود والتآلف، والتواصل المستمر بينهم، وبين معارفهم مدى حياتهم حتى فرّقهم هادم اللذات ومفرق الجماعات، وأذكر أنّ الدكتور حمد وأخواه محمد ويوسف وبعض أبنائهم قد خصصوا بعد المغرب من كل ليلة لزيارة شقيقهم الأكبر عبد الله وخاصة حينما أقعده الكبر لتبادل الأحاديث الودية معه، والاستفادة من تجاربه في الحياة ومن مخزون ذكرياته..، وإيناسه وتخفيف وحشة الوحدة عنه داخل منزله .. متطرقين لأيام الصغر والطفولة وهم بين أحضان والديهم. وما يجري في تلك الأيام من ذكريات جميلة يردِّدونها بينهم تلذُّذاً بالماضي البعيد..، فجلوسهم معه مما يؤنسه ويدخل السرور بين جوانحه، ولكن أيام السرور لا تدوم أبداً:

ما أحسن الأيام إلا أنها        يا صاحبي إذا مضت لا تعود

 

وكثيراً ما يستحضر مثل هذا البيت للحث على تحمل مصائب الدنيا مردّداً:

تعز فلا إلفين بالعيش متعا        ولكن لو راد المنون تتابعا

ولقد عاش الدكتور يوسف – أبو عبد الله – منذ فجر حياته مكافحاً وجاداً في كل المراحل الدراسية حتى نال درجة الدكتوراه من إحدى جامعات المملكة المتحدة..، وكان هدفه أن يخدم وطنه بكل إخلاص وأمانة، وليكون قدوة حسنة للأجيال المثاليين، حيث حصل على رتبة لواء بالجيش السعودي قبل رسالة الدكتوراه، وقد تقلّب في عدد من المناصب العالية منها: مدير عام التخطيط والميزانية والمتابعة لوزارة الدفاع والطيران، ثم تعيينه مديراً للمصانع الحربية بالخرج، وقائد منطقة المدينة المنورة، ومدير إدارة التفتيش، وأمين عام الخدمة العسكرية بالديوان الملكي، ثم سفيراً في كينيا، وأخيراً عضواً في مجلس الشورى للدورتين. بعد ذلك أخلد إلى الراحة والكتابة عبر الصحف والمجلات، وإعداد مجموعة من مؤلّفاته ومذكّراته: تحت الطبع الآن ليقتات منها من بعده – تغمّده الله بواسع رحمته – ولقد اتصف بالحزم والشجاعة في الرأي وإفهام من تحته بإتقان ما يؤكل إليهم من أعمال محاطة بالسرية التامة، فهو رجل عالي القامة في المحافل العسكرية، وله مكانة لدى ولاة الأمر لما يتمتع به من حنكة وإخلاص وتفانٍ في خدمة الوطن وأهله، ومع ذلك كان دمث الأخلاق لطيف المعشر محباً للقراءة واسع الأفق والاطلاع على كل جديد، وقد ظهر ذلك جلياً في قوة أسلوبه ومتانته، وأحاديثه الشيِّقة النابعة من تراكم المعلومات من مخزونات ذاكرته فهي نبع ثر يقتات منها في كل مجال يكتبه أو يتحدث فيه، ولئن غاب عن نواظرنا شخص أبي عبد الله فإنّ ذكره الحسن لا يبرح خواطرنا مدى العمر، والأمل في أبنائه الكرام أن يبادروا بطبع مؤلّفاته ومذكّراته التي بذل في إعدادها عصارات أفكاره النيِّرة، كي يُستفاد منها، ولتبقى مرجعاً وذكراً خالدة على تعاقب المَلَوَين .. وفي ختام هذه الكلمة الوجيزة أرجو من المولى أن يسكنه فسيح جناته ويلهم ذرِّيته وأبناءه وبناته وعقيلتيه أم عبد الله وأم فيصل الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

ترجّل فارس

بقلم السفير صالح بن محمد الغفيلي

إنه الزميل اللواء الدكتور السفير يوسف بن إبراهيم السلوم الذي حين تراه أو تتحدث معه لا تشعر بأن له أدنى صلة بالسمات العسكرية القائمة على التمسك بمظاهر الصرامة في الإدارة العسكرية، التي تظهر جلية واضحة على تصرفات ومظهر بعض القادة العسكريين وفي أسلوب تعاملهم مع منسوبيهم.

نعم.. إن شيئاً من هذا لا وجود له في نهج فارسنا القيادي مع أنه قد تشرب الروح العسكرية التقليدية منذ الصغر، عندما كان طالباً بالمدارس والكليات العسكرية، إلى جانب أنه مؤهل قيادياً وعلمياً؛ حيث نال أعلى الرتب العسكرية والشهادات العلمية التي صبغته صبغة أخرى مختلفة، جعلته أكثر دبلوماسية ووعياً لأساليب الإدارة الحديثة في تعامله مع الآخرين بعيداً عن المظاهر الشكلية للقائد العسكري التقليدي التي يحرص الكثيرون على التمسك بها باعتبار أنها من مقومات شخصية القائد الناجح، ومع ذلك تراه رغم بساطته وتواضعه يتمتع بقوة الشخصية والقدرة على التأثير النفسي على الطرف الآخر، بفضل أسلوبه الإداري المتميز المكتسب من ثقافته العلمية وخبرته الميدانية. ولا عجب في ذلك فإنه ومنذ أن كان طالباً في المدرسة العسكرية وهو شعلة من الحيوية والنشاط التي يحسده عليها الكثيرون، إنه في تحد دائم مع الوقت، لذلك حقق الكثير من النجاحات ليس فيما تقلده من مناصب عسكرية ومدنية فحسب، وإنما في كثير من النشاطات الفكرية ومساهماته الوطنية بالجهد والقلم، له من المؤلفات ما يزيد على ثلاثين كتاباً في الأنظمة والإدارة وماله علاقة بالتاريخ العسكري واهتمامات أخرى متنوعة.

كان فارساً يصول ويجول، بقلمه وجهده بلا كلل أو ملل، ظل فارساً يعلو ظهر حصانه، لم يترجل عنه، أو يلقي سلاحه، إلى أن أضعفه المرض وأصبح غير قادر على العطاء الميداني وحتى الفكري كسابق عهده، لكنه رغم مرضه الذي أقعده.. رأيته حين دخلت عليه غرفته في المستشفى زائراً يملي على أحد أبنائه – بصوت لا يكاد يسمع وهو مستلقي على السرير الأبيض – موضوعاً يطرح فيه وجهة نظر كان قد ناقشها معي في زيارتي السابقة له.. قلت له مازحاً: صحيح كما يقول المثل “يموت الزمار وأصابع يديه تلعب”.

قال: إني أدرك ما تعنيه، لكنك تعرف أن الكتابة اهتمامي الأول، ومتعتي التي أمارسها كما هو الحال معك.

قلت: أعلم لكنني كنت أود أن يكون ذلك في البيت حين تعود إليه إن شاء الله وليس في هذا المكان الذي لا يساعد على التركيز.

قال: إنه أمر لا يحتمل التأجيل لارتباطه بزمن محدد.

قلت: هكذا أنت دائماً، أمورك لا تحتمل التأجيل.

قال: صدقت، فلو لم أكن هكذا لما أنجزت شيئاً، فالوقت كما تعلم يذهب ولا يعود وهذا ما تؤكده لنا عقارب الساعة.

وهنا استأذنته بالانصراف مودعاً إياه على أمل زيارته مرة أخرى إن شاء الله.. لكن كان القدر أسرع.

نعم.. فقد انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح يوم الخميس 1429/7/21ه الموافق 2008/7/24م بمدينة الرياض، أسأل الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وبموته ففدت زميلاً وصديقاً قل أن يمن الزمن بمثله لكنها مشيئة الله وقدره الذي لا يرد.

رثاء الدكتور يوسف السلوم

بقلم الاستاذ بدر احمد الكريم

عاش في الدنيا – كما هو حال كل الناس – كعابر سبيل، استظل تحت ظل شجرة، ثم راح وتركها. 
ذلكم هو الصديق الدكتور يوسف بن إبراهيم السلوم، الذي اختاره الله إلى جواره يوم الخميس 21 رجب الحالي (24 يوليه) إثر مرض عضال عانى منه طويلاً، فكان صابراً محتسباً، طمعاً في رحمة الله، وكأني به يردد: (اللهم أحيني ما دامت الحياة خيراً لي، وأمتني ما دام الموت خيراً لي) ذلك أن الموت سنة كونية، وكل نفس ذائقته، وهو يأتي بعد الحياة من حيث الواقع، والترتيب العملي والتطبيقي والتنفيذي.

كانت أول معرفتي به، وتعاملي معه عن قرب، ومعرفة آرائه وتفكيره، ونظرته إلى معالجة القضايا والموضوعات الحياتية المهمة، عندما زاملته في الدورة الثالثة لمجلس الشورى، وفي اليوم الأول لحضوري حرص – رحمه الله – على أن يصحبني في جولة على مختلف مرافق المجلس، شارحاً وظيفة وأهداف كل مرفق، وفي الجلسات الأول سمعتُ له مداخلة تنم عن فهم واضح لما يناقش، وكان موضوعاً عسكرياً، هو أعرف به، وألصق به وأفهم، وقد استحوذت مداخلته على استحسان معظم الأعضاء (كنتُ واحداً منهم). 

وفي إحدى الجلسات انتقدت بحدة أداء لجنة الشؤون العسكرية في المجلس، وكانت برئاسة اللواء المتقاعد (عبد القادر كمال) بسبب تباطؤها في دراسته أحد الأنظمة المعروضة عليها، وعند خروجي من القاعة أمسك بيدي، وأفهمني الظروف والملابسات التي أدت إلى التباطؤ، بوصفه عضواً في اللجنة، كما زودني بمعلومات كانت غائبة عني، وأخبرني أنه يضعها بين يدي متى أردت، مستفيداً من تجاربه، وعمله العسكري الذي أمضى فيه جزءاً كبيراً من حياته، ضابطاً، ومسؤولاً عسكرياً، قبل أن ينتقل إلى السلك الدبلوماسي سفيراً لبلاده في الخارج.

مرّ هذا الشريط من التذكرات، وأنا أرى جمعاً غفيراً من محبيه، وأصدقائه، والمتعاملين معه يؤدون صلاة الميت عليه، في جامع الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله، بعد صلاة العصر، في اليوم الذي لقي فيه وجه ربه، وخرجت داعياً الله له بالرحمة والمغفرة، وسائله أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة. 

كان آخر لقاء معه، يوم وفاة أخيه (محمد) قبل شهرين تقريباً، بصحبة الأستاذ الدكتور أسعد بن سلمان عبده (العضو الحالي في مجلس الشورى) رأيت (يوسف) وقد نحل جسمه، وعلى أنفه كمامة أوكسجين، ولكنه كان على وعي كامل، متذكراً أحداثاً ومواقف موغلة في القِدَم، ولم يكن منزعجاً مما هو عليه، وهذا هو حال المؤمن إن أصابته ضراء صبر، وإن أصابته سراء شكر. 

مات (يوسف السلوم) وترك ما ترك، وبقي ما بقي، فاللهم ارحمه، وادخله مدخل صدق مع عبادك الصالحين، ولكل الناس في الموت عظة وعبرة، فكل صغير وكبير يموت، وكل أمير ووزير يموت، وكل عزيز وحقير يموت، وكل غني وفقير يموت، وكل صحيح وسقيم ومريض وسليم يموت، وباختصار كل نفس تموت. 

عزاء لأسرة (يوسف السلوم) ولأصدقائه، ولمحبيه، والعارفين به، والمزاملين معه في دروب الحياة و(ما أكثر رجلٌ ذِكْر الموت إلا زاد ذلك في عمله) كما روي عن رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم -.

رثاء الدكتور يوسف السلوم

بقلم الاستاذ عائض الردادي

غاب اللواء الدكتور يوسف بن ابراهيم السلوم عن الدنيا الفانية يوم الخميس 21/7/1429هـ 24/7/2008م تاركا خلفه ارثا ثقافيا سيبقى عمره الباقي كما بقي علم العلماء الذين وضعوا علمهم او تجربتهم في الحياة بين دفتي كتاب.

اخر ما دفع به الى المطبعة هو كتابه عن تجربته في مجلس الشورى بعنوان «تجربتي في مجلس الشورى» وقد اهدى اليّ نسخة منه في 24/1/1428هـ عندما جئته معزيا في وفاة شقيقه د.حمد رحمهما الله وقد ضمنه تجربته في عضوية الشورى لمدة ثماني سنوات، وهو ممن كتبوا عن تجاربهم العملية فقد كتب قبله عن تجاربه في التخطيط الاستراتيجي، وفي العمل العسكري، وفي الحقل الدبلوماسي، والكتابة عن التجارب العملية مفيدة لمن يأتي بعد اصحاب التجارب اذا بعدت عن تمجيد الذات، وهذا ما فعله د.يوسف لانها نتاج تجربة يجد فيها من يطلع عليها ما لايجده في النظريات، فالادارة بالموقف انسب علاج للتعامل مع الحالة الادارية.

لقد درس التخطيط الاستراتيجي والتنمية وعني به كثيرا فألف وحاضر واقترح ومارس وقد ضمن ذلك كتابه «آراء وأفكار في الادارة والتنمية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية» وشرح رؤيته الاستراتيجية في الجزء الثالث منه، وهي رؤية مطبوعة بطابع التطوير والاصلاح مع الحفاظ على الهوية الثقافية والوطنية وامتلاك عناصر القوة» العسكرية والاقتصادية والتقنية والصناعية والقدرة على ادارة الموارد البشرية والمادية، وبناء الانسان على أسس علمية، وهو يرى ان اثبات الهوية بالتمسك باللغة الوطنية، وان اللغة العربية لغة علمية بعكس ما يثار من غير الناطقين بها ومن بعض المحسوبين عليها ممن يجهلون اسرارها «وينبغي علينا وضع استراتيجيات وسياسات تؤكد وتحث وتشجع على استخدامها في جميع المراحل الدراسية، وفي الاعمال الدبلوماسية والحكومية والشركات الوطنية.. ففي ذلك حفاظ على اللغة العربية واعتزاز بالهوية العربية. الوطن بفقده فقد عالما من علماء الفكر التخطيطي الاستراتيجي والرأي الناصح ولكن لكل اجل كتاب اسبغ الله عليه شآبيب الرحمة.

يوسف بن إبراهيم السلوم..

( 1357 - 1429 هـ/ 1938 - 2008 م) 

بقلم محمد عبدالرزاق القشمعي

عرفت اللواء الدكتور يوسف بن إبراهيم بن محمد السلوم عندما كان عضواً بمجلس الشورى في إحدى زياراته لمكتبة الملك فهد الوطنية، وكان بصدد إهداء مكتبته الخاصة للمكتبة، وكنت حديث عهد بها، فدعوته للتسجيل معه ضمن برنامجها (التاريخ الشفهي للمملكة). وكان اللقاء الأول بالمكتبة في 20 / 11 / 1418 هـ، واللقاء الثاني بمنزله وبمكتبته في 22 / 2/ 1419 هـ. قال إنه وُلد بالطائف عام 1357 هـ، عاد طفلاً مع عائلته لبلدتهم (ضرما) بالقرب من الرياض. درس في الكتاب حتى ختم القرآن الكريم، فعاد مع أسرته مرة أخرى للطائف فدرس المرحلة الابتدائية من عام 1366 هـ إلى سنة 1370 هـ. بعدها التحق بالمدرسة العسكرية وتخرج فيها سنة 1373 هـ، وكان أول عمل يُكلف به بالوحدات العسكرية في الطائف، مركز تدريب المستجدين، ومدرسة المشاة، ومدرسة الكتَّاب العسكرية إلى سنة 1375 هـ. 

انتقل إلى الرياض للعمل بالحرس الملكي من سنة 1375 هـ وحتى سنة 1384 هـ حيث انتقل لوزارة الدفاع، وخلال وجوده بالرياض انتسب لجامعة الملك سعود بكلية التجارة من سنة 1380 هـ إلى سنة 1384 هـ. عمل سنتين في إدارة شؤون الأفراد بالجيش بوزارة الدفاع بالرياض. ثم حصل على بعثة إلى أمريكا للدراسة والحصول على ماجستير في الإدارة العامة، حيث التحق بجامعة كنساس بالولايات المتحدة الأمريكية وتخرج فيها سنة 1388 هـ، وواصل الدراسة للحصول على الدكتوراه في قسم العلوم السياسية حتى سنة 1390 هـ/ 1970 م. 

عاد للمملكة وعُيِّن مديراً للتخطيط بوزارة الدفاع، وهي إدارة جديدة قام بتأسيسها وأمضى بها 12 سنة، انتقل بعدها لإدارة المصانع الحربية بالخرج سنة 1402 هـ حتى سنة 1406 هـ، تولى إدارة التفتيش المركزي سنة 1406 هـ، وفي سنة 1407 هـ تولى قيادة منطقة المدينة المنورة، وفي سنة 1409 هـ انتقل للديوان الملكي أميناً عاماً لمجلس الخدمة العسكرية حتى سنة 1414 هـ. انتقل لوزارة الخارجية ليعين سفيراً لدى جمهورية كينيا من سنة 1414 إلى سنة 1417 هـ. بعدها عاد لوزارة الخارجية ليتولى إدارة الجزيرة العربية مدة سنة، وفي عام 1418 هـ أصبح عضواً بمجلس الشورى. 

يذكر من أبرز القرارات التي اتخذها وشارك بها: 

1.1 تطوير القوات المسلحة من خلال التخطيط المنظم. 

2.2 المساهمة في دراسة ووضع خطط التنمية في المملكة وخاصة خطة الدفاع منها. 

3.3 حضور المؤتمرات والندوات التي عقدت في المملكة في شؤون الإدارة العامة والتنمية. 

4.4 حضور مؤتمر رسالة الجامعة. 

5.5 المشاركة في اللجنة الوطنية لوضع إستراتيجية خطة التنمية الثالثة. 

6.6 تطوير المصانع الحربية من سنة 1402 هـ إلى سنة 1406 هـ. 

7.7 المساهمة في وضع أنظمة الخدمة العسكرية. 

8.8 المشاركة في التدريب بمعهد الإدارة العامة. 

9.9 المساهمة في حرب تحرير الكويت في اللجنة العليا للقوات المسلحة.

 

كما ذكر أنه رأس وفد المملكة العربية السعودية في مؤتمر اتفاقية التنوع الإحيائي متعدد الأطراف الأول في جزر البهاما على 1994 م. كما رأس وفد المملكة العربية السعودية في الاجتماع الثامن عشر لمجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي. وشارك في عديد من اللجان الوطنية للتخطيط وقام بالتدريس في معهد الإدارة العامة، وكلية الملك عبد العزيز الحربية ومعهد الدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية. وهو عضو في اتحاد السباحة السعودية من 1400 إلى 1410 هـ. وعضو مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية من 1407 إلى 1413 هـ. 

 

يتذكر أساتذته ورؤساءه الذين أعجب وتأثر بهم مثل: 

الأستاذ حسن صيرفي مدير المدرسة السعودية بالطائف سنة 1366 - 1369 هـ. الشيخ حسن منصوري في المدرسة العزيزية بالطائف سنة 1369 - 1370 هـ. وفي المدرسة العسكرية يذكر باعتزاز اللواء الشاعر علي زين العابدين والفريق علي الشاعر وكانت رتبة الأول رائد والثاني نقيب. 

o وذكر الأوسمة التي حصل عليها: 

وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة. 

وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الرابعة. 

وسام تحرير الكويت. 

ميدالية التقدير العسكرية من الدرجة الأولى. 

نوط الخدمة العسكرية. 

o أما مؤلفاته وبحوثه فذكر منها: 

مدخل للعلوم العسكرية. 

تطور أنظمة الخدمة العسكرية. 

النظام الإداري في المملكة. 

أساليب التخطيط والميزانية والمتابعة بالمملكة. 

التخطيط والتنمية في المملكة (باللغة الإنجليزية). 

برامج التوازن الاقتصادي ودوره في التنمية في المملكة. 

بحوث ومقالات في الإدارة العامة. 

أضواء على إستراتيجية خطة التنمية في المملكة. 

آراء وأفكار في الإدارة والتنمية (جزءين). 

البيئة والتنمية. 

o ترجم له الدكتور علي جواد الطاهر في (معجم المطبوعات العربية.. المملكة العربية السعودية) ط 1، ج « 2 من مواليد مدينة الطائف سنة 1354 هـ، من أهل ضرمى بنجد. تخرج في المدرسة العسكرية بالطائف سنة 1373 هـ وواصل دراسته الثانوية والجامعية وهو في الخدمة العسكرية، حصل على بكالوريوس اقتصاد من كلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود سنة 1384هـ ثم على ماجستير في الإدارة العامة من جامعة كنساس بالولايات المتحدة الأمريكية 1388 هـ، ثم على شهادة التخرج في كلية القيادة والأركان بالولايات المتحدة سنة 1396 هـ وكلية الحرب الأمريكية سنة 1400 هـ. 

وذكر من مؤلفاته: 

1.1 تطور أنظمة الخدمة العسكرية - الطبعة الثانية 1402 هـ مع مجموعة أنظمة الخدمة العسكرية في المملكة، إعداد وتوثيق، مطابع القوات المسلحة 1398 هـ. 

2.2 أساليب التخطيط والميزانية والمتابعة في المملكة 1390 - 1400 هـ مطابع معهد الإدارة العامة 1402 هـ. 

3.3 بحوث ومقالات سبق نشرها. الرياض، دار المريخ 1399 هـ. 

o كما ترجم له الأستاذ أحمد سعيد بن سلم في (موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين خلال ستين عاماً) قائلاً: «.. يكتب في المجالات العسكرية والإدارية، ونشرت له العديد من الدراسات في هذا المجال سواء في المجلات 

المتخصصة أو في الصحف اليومية، كما يقوم بتقديم المحاضرات في الكليات والمعاهد العسكرية والإدارية. 

وذكر من كتبه التي لم تذكر في المعجم: 

1.1 النظام الإداري في المملكة العربية السعودية، ط 1، عام 1406 هـ، 351 صفحة. 

دراسة تطور النظام الإداري في المملكة العربية السعودية. 

2.2 دراسة في نظام التخطيط في المملكة العربية السعودية، تهامة جدة، ط 1، 312 صفحة. 

3.3 دراسة للطرق والأساليب والمناهج والتقنيات المستخدمة في عمليات التخطيط والميزانية والمتابعة خلال فترتي الخطة الأولى والخطة الثانية في المملكة العربية 

السعودية، وذلك لمعرفة الإيجابيات والسلبيات في إدارة التنمية التي تؤثر على أهداف التنمية إيجاباً وسلباً. 

4.4 آراء وأفكار في الإدارة والتنمية مع الإشارة إلى تطبيقات في المملكة العربية السعودية شركة الطباعة العربية السعودية عام 1405 هـ ويتكون هذا الكتاب من جزءين. 

5.5 مدخل للعلوم العسكرية - شركة الطباعة العربية السعودية عام 1409 هـ. 

6.6 بحوث ومقارنات في الإدارة العامة، شركة الطباعة السعودية عام 1406 هـ. 

o وترجم له في كتاب (مجلس الشورى.. السير الذاتية 1422 هـ/ 2001 م). 

وذكر أنه عضو إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. 

فإنه عضو الجمعية العمومية بمؤسسة الملك فيصل الخيرية. 

وذكر أن من مؤلفاته: 

1.1 التخطيط والتنمية في المملكة (باللغة الإنجليزية). 

2.2 أضواء على إستراتيجية خطة التنمية في المملكة. 

3.3 معجم مصطلحات البيئة والتنمية.

اللواء ركن يوسف السلوم.. رجل التحديث والإنجاز

بقلم الاستاذ صلاح الزامل

قيمة كل امرئ وإنسان في هذا العالم بما يُحسن من عمل، فالإتقان أساس النجاح في كل عمل، وكذلك العطاء والإنتاج المثمر والخالد، والابتكار في الإدارة والتخطيط والتنظيم، سواء في المجال العسكري أو المدني، فاللواء ركن يوسف السلوم -رحمه الله- كان من هؤلاء الذين لا يمكن أن يوكل إليه أي عمل قيادي إداري أو مهمة إلاّ وتجد له فيه معالم عريضة وبصمات ظاهرة للعيان، فهو من خلال مشواره الطويل والعريض ورحلته في خدمة الدولة والوطن معطاء، سخر كل الإمكانات المادية والبشرية التي توافرت له، بل بذل كل طاقاته الإدارية في التطوير والتحديث والإنجاز المتقن، وكل ما يمكنه من الرقي بكل إدارة يتسلمها.. إنه حقاً ممن يفخر به الوطن، وتعتز به هذه البلاد.

ولد اللواء يوسف بن إبراهيم السلوم عام 1357هـ بمدينة الطائف، لكن طفولته كانت في بلد ضرما، حيث قرأ القرآن الكريم، ثم رجع إلى الطائف ونال الشهادة الابتدائية وعمره (15) عاما، ثم انضم لأول مرة إلى السلك العسكري بشهادته الابتدائية التي تعد كشهادة جامعية وذلك عام 1370هـ، وبعدها تخرّج اللواء الركن يوسف عام 1373هـ برتبة ملازم ثان، ولهمة اللواء يوسف العالية والطموحة في تطوير ذاته وقدراته الدراسية والعلمية، لم يتوقف عن مواصلة الدراسة والقراءة غير المنهجية، فكانت هذه أولى الخطوات وبدايات الدرب إلى عالم القراءة، ثم تلت ذلك الكتابات في الصحف والمجلات، فالنفس الطموحة العالية مهما لاقت في طريقها من المصاعب والعقبات والفشل والتعثر فلا تتوقف، يقول الشاعر:

وَمَنْ تَكُنِ العَلْياءُ هِمَّةَ نَفْسِهِ

فَكُلُّ الَّذِي يَلْقَاهُ فيها مُحَبَّبُ

ولقد نال العلياء اللواء يوسف السلوم في مشواره الطويل والحافل بالإنجازات والعطاء المثمر، ورسم منهجاً وأهدافا وغاية في حياته، أعتقد أنه أنجزها كلها سواء في إكمال دراساته وفي الوظائف التي أوكلت إليه منذ أن تسلم العمل الوظيفي العسكري حتى آخر وظيفة حكومية عُيِّن عليها، فهو ما بين عمل وظيفي حكومي أنجز فيه كثيرا، أو إكمال دراسة، أو كتابة بحوث ودراسات عن هذه الأعمال.

طاقة متجددة

ويعتبر اللواء ركن د.يوسف السلوم طاقة متجددة وليست شخصية نمطية أو تقليدية، بل هو استثناء سواء في المجال الشخصي، أو ميدان العمل الوظيفي، الذي أثبت أنه جدير كل الجدارة به، وهو مبدع في الإدارة والتخطيط، وأنه عند حسن الظن والثقة لدى القيادة العليا في وزارة الدفاع، أو حينما خرج من وزارة الدفاع، فهو فارس في كل ميدان، فالتفاني في العمل والعلم هو تفكير اللواء يوسف، ولقد أكمل دراساته الجامعية وقبلها الثانوية، وهو على رأس العمل الوظيفي العسكري، فمنذ أن دخل الابتدائية عام 1366هـ حتى نيله درجة الدكتوراه، وهو يتلقى العلم والدراسة، سواء كانت دراسة منهجية أو دورات، كذلك كان يقدس العلم والمعرفة في مجال تخصصه العسكري والإداري والاقتصادي، ويطبق ما أمكن تطبيقه، وليس فقط معلومات مكنوزة في الذهن والعقل، أو نظريات تُتلى في ندوات ومحاضرات أو دورات، كان يتميز بالتصميم والتحدي لكل ما يواجهه من مقاومة أو تعسر.

يروي موقفاً في ذكرياته قائلاً: إنه لما كان في الطائف، وقد تخرج من المدرسة العسكرية برتبة ملازم ثان، عزم على مواصلة الدراسة في الكفاءة المتوسطة بالتعليم العام، ودخل المدارس المسائية لنيل الشهادة، لكن لم توافق الوزارة إلاّ باجتياز نظام ثلاثة أعوام منتظمة ولم ييأس، وعندما انتقل إلى الرياض دخل مدرسة الفكر الثانوية، ونال الشهادة الثانوية، وهذا مثال من أمثلة التحدي في بدايات مشوراه التعليمي والدراسي، فكان الأمل والتفاؤل هو كل شيء في حياته، ولا يتطرق اليأس إليه، لذلك نال ما يتمنى، ثم انضم إلى جامعة الملك سعود كلية التجارة منتسباً قسم الاقتصاد والعلوم السياسية، وهو تخصص جديد وعلم لأول مرة يدرسه، فمع أنه عسكري إلاّ أنه أحب أن يدرس هذه العلوم، وسيكون الاقتصاد هذا له نتائج مثمرة في عمله بوزارة الدفاع، وبعدها تخرج ثم ابتعث إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة الماجستير في الإدارة العامة مع دراسة اللغة الإنجليزية، وهذه المرحلة من هذه الدراسة والتعليم في الولايات المتحدة أكسبته خبرات منهجية ودراسية في التخصص في الإدارة والقيادة والتعمق.

إدارة وعلم

ويُعد اللواء ركن يوسف السلوم ممن تمرس في العمل الإداري، بل هو مدرسة في الميدان الإداري، وقائد ذو خبرة طويلة، فكانت له أقوال في شتى نواحي الإدارة والعلم والنجاح، ومنها: «إن العلم غاية في حد ذاته، وطلبه لا يقتصر على سن، ولا ترده وظيفة أو مركز»، وقد طبَّق هذه المقالة، فمنذ أن تعلم القراءة والكتابة، ودخل المدرسة الابتدائية وهو يطلب العلم، حتى إنه تقدم إلى الجامعة الإسلامية لنيل درجة الدكتوراه – وكان قائداً لمنطقة المدينة المنورة – رفض طلبه، واستغل فرصة مكوثه في المدينة، ودرس على فضيلة الشيخ المحدث حماد الأنصاري -رحمه الله- ولازمه واستفاد منه في العلوم الشرعية، كذلك من أقواله: «الإدارة الناجحة تعتمد على أركان ووظائف الإدارة»، حيث طبّقها عندما أسس إدارة التخطيط والميزانية والمتابعة والبرامج، وتعلم منه الموظفون في تلك الإدارة فن الإدارة والتخطيط، وكان يُردد هذه الجملة كما يذكر عنه ابنه خالد الذي قال: «الوالد شخص من الطراز الأول في العلاقات الشخصية، فكان يستخدم تلك العلاقات لمصلحة العمل والموظفين، مقدماً أولئك على نفسه، فقد كان هو بنفسه يقوم بمتابعة وتذليل أي تأخير أو تعثر في العمل باستخدام هذه العلاقات، وفيما يتعلق بالمشروعات، فكانت علاقاته الشخصية وصداقاته كثيرة، وبالأخص في أجهزة الدولة التي لها مساس وارتباط بعمله في وزارة الدفاع» -انتهى كلام خالد-.

وكما سمعت ممن عمل مع اللواء ركن يوسف السلوم، أنه آخر من يفكر في نفسه من حيث العلاقات الشخصية، فهو يقدم الموظفين الذين تحت إدارته في كل ما هو مفيد ونافع ومثمر لهم، ويكون له مردود إيجابي في الإدارة والعمل.

عمل جماعي

وانضم اللواء ركن يوسف السلوم إلى السلك العسكري برتبة ملازم ثان، واستمر يترقى في الرتب العسكرية مع اجتياز الدورات العسكرية في الخارج، ولقد تولى أول مركز له بعد حصوله على الماجستير في الإدارة والتخطيط والميزانية والمتابعة في وزارة الدفاع، وفي هذه المرحلة يقول في مذكراته: «وبذلك أصبحت إدارة التخطيط تنمو تبعاً للدور الذي أخذته في المساهمة للتحضير لوضع خطة التنمية الأولى لوزارة الدفاع والقوات المسلحة وبدء التنفيذ لها، وقد واجهتنا كثير من المتاعب مما استوجب وحدة جديدة باسم وحدة المتابعة، وهي أول وحدة للمتابعة تنشأ في الجهاز الحكومي»، كان يؤمن بالعمل الجماعي في الإدارة لتحقيق الأهداف من العمل، لذلك كان يدخل في جهازه أصحاب الخبرات من ذوي الكفاءات الإدارية المدنية والعسكرية، يقول -رحمه الله- عن هذا الشأن المهم: «أدخلت عناصر مدنية في الإدارة؛ لأن الإدارة العامة للتخطيط والميزانية والمتابعة في وزارة الدفاع تساعد على التخطيط المدني والعسكري لوزارة الدفاع والقوات المسلحة، وأحدثت وحدة للبحوث والإحصاء، وأصبحت وحدات الإدارة أربع وحدات وإدارات»، وفعلاً لقد استنفر كل ما يمكن توافره في الارتقاء بهذه الإدارة بأن تكون في أعلى المستويات إدارياً وفنياً وتقنياً، مع توافر الدعم الكامل من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، الذي عقد اللواء ركن يوسف في ذكرياته المخطوطة عنواناً عن المواقف الإنسانية للأمير سلطان، حيث نوّه وأشاد برواية قصص ومواقف، حيث عمل معه لمدة تزيد على (15) عاماً، وهي مواقف إنسانية يرويها وهو شاهد عصر عليها، وليست بواسطة أو سمعها من أشخاص.

إدخال الحاسب

ولمّا كان اللواء ركن يوسف السلوم رئيساً للتخطيط والميزانية أدخل الحاسب الآلي منذ وقت مبكر جداً أوائل التسعينيات الهجرية، يقول -رحمه الله- في ذكرياته: «وهنا أتحدث عن إدخال الحاسب الآلي في وزارة الدفاع والقوات المسلحة في الشؤون الإدارية والمالية، فقد أسهمت إدارة التخطيط في الدراسة والتهيئة لذلك، ومتابعة المشروع حتى تحقق لوزارة الدفاع السبق في إنشاء إدارة للمعلومات ونقل التقنية، لتقوم بوضع البرامج وتحويل جميع الأعمال الإدارية والمالية وأعمال التخطيط وصرف الرواتب بالحاسب الآلي منذ سنة 1393هـ، وقد جرى تدريب الشباب السعودي في مركزين للتدريب في أميركا والرياض من عسكريين ومدنيين ليحلوا محل المتعاقدين من موظفي المقاول، وجرت سعودة البرنامج خلال هذه المدة».

ويذكر خالد بن يوسف السلوم عن والده مقالة أخرى من مقالاته القيِّمة في الإدارة والموارد البشرية، يقول: «إن الوالد عندما يتعين في منصب جديد أول ما يهتم بالإنسان؛ أي الموظف في هذا القطاع، حيث يقول أهتم بالإنسان أولاً، ويتحسس أحوال الموظفين والعاملين، ويسعى لحلها سريعاً، وكانت له مساهمة عندما كان مديراً عاماً للتخطيط والميزانية في عمل كادر جديد لرفع رواتب الضباط وضباط الصف والمتقاعدين إبان الطفرة الاقتصادية، وتم اعتماده، وعمل أيضاً على مقترح ثان للزيادة الثانية لرواتب الضباط وصف الضباط والمتقاعدين عام 1401هـ وتم اعتماده، فكانت أبواب خير وسعادة للموظفين، وكان السبب فيها رحمه الله».

تطوير الأنظمة

وقال اللواء ركن يوسف السلوم عن ذكرياته في إدارة التخطيط: «وقد أمضيت في إدارة التخطيط (12) عاماً من رتبة مقدم إلى رتبة لواء ركن 1390- 1402هـ، استطعت – بفضل الله وتوفيقه – أن أجمع بين النظرية والتطبيق في أعمالي -أي في الإدارة-، وتمكّنت خلال هذه المدة من إيجاد جسر بين القطاعين المدني والعسكري في وزارة الدفاع وبين القوات المسلحة والقطاع المدني في الجامعات بتنظيم زيارات للأساتذة والطلاب السعوديين لزيارة المناطق العسكرية والمشروعات الدفاعية، أدت إلى آثار إيجابية»، ويقول أيضاً: «وأسهمت في تطوير أنظمة الخدمة العسكرية واستحداث إدارات جديدة في وزارة الدفاع مثل إدارة البحوث والتطوير وإدارة العقود والمشتريات وإدارة شؤون المتقاعدين وإدارة التعاون والمساعدات العسكرية، وكانت تجربة رائعة أن يقبل الإنسان التحدي، وأن يعطي فرصة العمل المثمر، وأن يتحقق النجاح؛ ومفتاح النجاح لي في جميع أعمالي التي استمرت وهي ناجحة بشهادة الآخرين هي عدم اليأس والأمل والإخلاص في العمل، فالحمدلله الذي وفقني لذلك، وساعدني على إنجاحي في عملي ودراستي»، ويضيف ابنه خالد السلوم عن إدارة والده للتخطيط والميزانية قائلاً: «كانت هذه الإدارة تُعنى بتطوير ونقل وزارة الدفاع والطيران إلى مرحلة جديدة مع تطور أجهزة الدولة في حقبة السبعينيات والثمانينيات الميلادي».

مصانع حربية

وتولى اللواء ركن يوسف السلوم المصانع الحربية، وقد حرص أن تحول إلى مؤسسة عامة للصناعات الحربية، يقول -رحمه الله-: «كتبت إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وفعلا تبنى المشروع حتى صدر قرار مجلس الوزراء، وأصبحت المؤسسة العامة للصناعات الحربية حقيقة واقعة، والهدف هو إعطاؤها الصلاحيات المالية والإدارية اللازمة للتصنيع، والسماح لها بالتعاقد مع شركات القطاع الخاص بتمويل والمشاركة في بعض المشروعات الجديدة»، كذلك قال عن رئاسة المؤسسة: «أدخلت فيها الصناعات الحديثة الحربية المتقدمة، وفتح المعهد الثانوي الصناعي، وبناء مركز أبحاث صناعية».

من جانبه، يقول ابنه خالد السلوم عن رئاسة والده للمؤسسة -المصانع الحربية-: «إن والده عندما عُين أول ما قام به هو اعتماد مشروع الإسكان لمنتسبي المصانع بعدد ألف وحدة، وقام باعتماد بدل الخطر».

سفيراً للمملكة

بعد ذلك عُيِّن اللواء ركن يوسف السلوم قائداً لمنطقة المدينة المنورة عام 1407هـ، ثم أمين عام مجلس الخدمة العسكرية حتى تقاعد من الخدمة العسكرية عام 1414هـ، وبعدها عُيِّن سفيراً لدى جمهورية كينيا ثلاثة أعوام، وكانت له نشاطات متعددة في السفارة وخارج السفارة، ويروي لما كان سفيراً في كينيا أنه اقترح على مدير معهد كيساؤني الإسلامي في مدينة ممبسا تحويل المعهد إلى كلية للدراسات الإسلامية وفعلاً حولها بدعم من المملكة.

ويذكر خالد بن يوسف السلوم متحدثاً عن سيرة والده، أن الوالد لما عُيِّن سفيراً في كينيا كان أول ما بدأ به الموظفين في السفارة متفقداً أحوالهم، واقترح عدة اقتراحات، وهي بدل سكن لموظفي السفارة، ورفع فئة الموظفين لتحسين مستوى المعيشة، ورفع هذه الاقتراحات إلى وزارة الخارجية، وتمت الموافقة عليها كلها، وتم اعتمادها على جميع سفارات المملكة.

وأخيراً عُيِّن اللواء ركن يوسف السلوم عضواً في مجلس الشورى، وقد مكث ثماني سنوات في دورتيه الثانية والثالثة حتى انتهت عضويته عام 1427هـ، وقد كتب تجربته في مجلس الشورى في كتاب أهداه إليّ رحمه الله قبل وفاته بعام تقريباً، وعندما سئل اللواء ركن يوسف السلوم: متى تشعر بالفرح والسعادة؟ قال: «أشعر بالفرح والسعادة عندما أساعد إنساناً ما، وأدله على الطريق، أو أساعده في بعثة دراسية لمواصلة دراسته، وأشعر بالفرح عندما أفعل الخير للناس، فخير الناس أنفعهم للناس، وأشعر بالفرح عندما يفرح من حولي وأشعر بالسعادة عندما أقضي حاجة من حاجات الناس».

وقد انتقل إلى رحمة الله يوم الخميس 1429/7/21هـ.

الشكر والتقدير للأخوين ابني اللواء ركن يوسف السلوم، وهما خالد وفيصل اللذان أمداني بنسخة مخطوطة عن ذكريات والدهما، ومنه استفدت في كتابة هذه السطور.

سيرة عطرة
بقلم الشيخ الدكتور احمد بن عبدالعزيز الفارس

سيرة عطرة أينما أتيتها من أي زاوية وجدت خيرها وبِرَّها، وبركتها وإخلاصها، وصِدقها وإتقانها وتفانيها، وإيثارها وحنوّها وشفقتها؛ سيرة جمعت بين العلم والعمل، والحزم والعزم، والتأصيل والتنظير، والابتكار والتطوير؛ سيرة سمحة زكيّة تلذّ بها الأفئدة النقيّة، وتطرب لها العقول الوضيّة، سيرة قائد مخلص، ووالد ناصح، ومدير معطاء؛ متجدِّد الفكرة، مشتعل الموهبة، لم يطرق مجالًا إلَّا وترك فيه بصمته، حتى كان مِن خيار الجنود والسفراء المخلصين لدينه ووطنه؛ وهكذا كل سيرة طيبة، يمضي صاحبها، وتبقى آثارها شاهدة لِمَا قدَّم ممّا يَنتفع به -إن شاء الله- في الآخرة، ويفخر به الوطن والمحبّون وتنال به الدعوات الصالحة؛ فاللهم ارحمه رحمة واسعة، وتجاوز عنه بمنّك وكرمك يا أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، واجعله ووالدينا وأحبابنا جميعًا في روضات الجنّات وأنهارها ونعيمها السرمدي المقيم {في مقعدِ صِدْقٍ عند مليك مقتدر} آمين.

bottom of page