عندما أقدمت الحكومة السعودية على قرار التخفيف من قطاع الزراعة كان لتلك الخطوة النظرة الاستراتيجية التي تبررها لندرة المياه ولإمكانية سد حاجة البلاد من المواد الغذائية، خاصة الحبوب من الخارج بأسعار أقل تكلفة من إنتاجها محليا. ولو أن هذه الخطوة فيها ما فيها من عدم الاعتماد على الإنتاج الوطني إلا أن للضرورة أحكامها.
ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تتغير في المستقبل إذا أحسنا الاستفادة من مياه الأمطار، وعملنا على تخزينها والاستفادة منها ي مياه الشرب والزراعة التي أخذت في الزيادة حسب التغير المناخي، ولكننا بدلا من أن نستفيد منها نتركها تخرب البيوت والطرقات، وتزهق سيولها الأنفس والأرواح
فهل إلى مرد من سبيل إلى استراتيجية الإنتاج المحلي من الحبوب؟ وإلى أن نجد لهذا السؤال جوابا بعد الدراسات الاستراتيجية والبحث الجوي عن المياه، وكيفية الاستفادة من مياه الأمطار ننتقل إلى موضوع هام آخر هو الخيار الصناعي.
اعتمدت الحكومة السعودية الصناعة خيارا استراتيجية ابتداء من الخطة الأولى من الخطط الخمسية السبع الماضية والخطة الثامنة التي هي تحت التنفيذ. والسؤال الاستراتيجي إلى أي نوع من الصناعة نتجه، وما هي القدرة الاستيعابية من حيث العمالة السعودية إلى الصناعات القائمة والمستقبلية، مثل الصناعات البتر وكيميائية والتوسع في المدينتين الصناعيتين الجبيل وينبع إلى أن يمكن إيجاد مدن صناعية أخرى مماثلة للجبيل وينبع؟ ولماذا التوسع في هاتين المدينتين وعدم إنشاء مدن صناعية جديدة ورديفة؟ ثم إن القول بانتقال بعض المصانع إلى دول الخليج لا يسبب إعادة نظر في سياستنا الصناعية.
وأين الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وأين المدن الصناعية الجديدة إنها تسير ببطء. ولقد قرأت في صحيفة الاقتصادية خبرا مفاده أن صندوق الاستثمارات العامة سوف يقرض هيئة المدن الصناعية بخمسمائة مليون ريال، وهذا القرض كما نشرته جريدة الاقتصادية في صفحتها الأولى يوم الإثنين الموافق ٢٣/٣/١٤٢٦هـ لا يلائم الخيار الصناعي الاستراتيجي، فهو قليل، ولكنه يفتح الطريق أمام الصناعات الصغيرة والمتوسطة بأن تبدأ على أسس صحيحة وسليمة. إن الصناعة كفيلة باستيعاب العمالة السعودية وتوظيف السعوديين إذا أحسن تدريبهم وتهيئتهم للعمل في الصناعة والاستفادة من تقنية المعلومات. إن الإجراءات الحكومية للاستثمار ما زالت متعثرة وإن الخطوات اللازمة لأخذ الترخيص الإقامة مصنع أو مركز تدريب فني طويلة الإجراءات عقيمة. إن التدريب الصناعي والتدريب المهني، والتدريب على التقنية الحديثة هو مفتاح التقدم والتنمية الصناعية فسهلوا الإجراءات، وأعطوا التراخيص لمن يستطيع القيام بما يخطط له بقي سؤال مهم، وهو ما هي مقومات الصناعة؟ وفي رأيي إن المقومات تتكون من العناصر التالية التي يجب توفرها.
١- الأراضي الصالحة والمعدة لإقامة مصانع فيها.
۲- توفير الأيادي العاملة السعودية المدربة.
٣- توفير المياه اللازمة للصناعة، سواء طبيعية أو معاد تكريرها.
٤- الإدارة اللازمة للإشراف على المدن الصناعية والمناطق التقنية.
٥- توفير الاعتمادات اللازمة لإقامة المدن الصناعية، سواء بالاعتمادات الحكومية أو من القطاع الخاص.
وما لم تتوفر هذه العناصر فلن يكون لدينا توسع صناعي، والخيار الصناعي الاستراتيجي يصبح صعب المنال، والسبب غياب الدراسات الاستراتيجية والأبحاث الصناعية والمائية البديلة.
Comentarios