التاريخ: يوم الاثنين 21 ذو الحجة 1417هـ، الموافق 28 أبريل 1997م
الجريدة: جريدة الرياض
من القضايا المعاصرة التي أصبحت قضية عالمية، وتؤرق كثيرين من المسؤولين والمهتمين بشؤون الإدارة والتنمية الصحية قضية زيادة التكاليف الطبية، إلى درجة أنها أصبحت تعيق التنمية الصحية، وهي موضوع في غاية الأهمية.
فأينما اتجهت إلى المستشفيات الحكومية والخاصة تجدها تعج بالمراجعين والمرضى من كل فئات السن، وطبقات المجتمع.
أحد الأسباب الرئيسية لهذه القضية هو قضية زيادة التكاليف الطبية، وتدهور حالة المستشفيات والعناية الصحية بها، وانخفاض نسبة النمو والتنمية في القطاع الصحي، وهي أحد العوامل التالية :
الطلب المتزايد على الخدمات الطبية من المواطنين والمقيمين ؛ زيادة مستوى الوعي الصحي وارتفاعه، لدى الجميع؛ الرغبة في استشارات طبية أخرى؛ أي استشارات طبية ثانية لمزيد من التأكد من المرض ومن العلاج الذي وصفه الطبيب الأول ، بالإضافة إلى أسباب إدارية مثل : تكرار فتح ملفات طبية لمريض واحد في عدة مستشفيات، وتتكرر تبعا لذلك مراجعة الأطباء، وكثرة الفحوصات الطبية، وضياع الوقت على الأطباء والمرضى ومرافقيهم، وتكرار التحاليل الطبية والمخبرية ، وأخذ الأشعة ، وتعدد صرف الدواء، وزيادة العمالة الأجنبية، وتقديم الخدمات الطبية لها، كثرة انتشار الأمراض بسبب قلة الاهتمام بالبيئة الصحية والبيئة الإدارية مثل: عدم التخلص من المخلفات الطبية، انخفاض الثقة في المراكز الصحية والمستوصفات والمستشفيات الصغيرة.
ومن الحلول المناسبة لتخفيض التكاليف الطبية في الحقل الصحي:
اتباع تحليل التكلفة للتخطيط الصحي، والإدارة العلمية للمستشفيات والمراكز الصحية، ومعرفة إمكانية إيجاد حاسب آلي مرکزي، وتوحيد رقم الملف الطبي للمريض، وإضافة رمز خاص بالمريض إلى بطاقة الأحوال المدنية ، بحيث لا يمكن الدخول على النظام إلا من خلال الموظف المختص لمعرفة تاريخ المرض، والفحوصات التي أجريت له ، والدواء الذي صرف له، التحويلات الطبية من المستشفيات والمراكز الصحية في القرى والمناطق إلى المستشفيات الرئيسية والمتخصصة في المدن، إما لغرض الوجاهة الاجتماعية أو المجاملة الأدبية ، سوء توزيع الموارد البشرية، والمعدات والأجهزة الطبية والأدوية.
ومن الحلول أيضا دراسة إمكانية إيجاد مراکز ومستشفيات متخصصة مماثلة المستشفى الملك خالد التخصصي لطب العيون، وطب القلب، وطب الكلى، وطب الكبد.
ويستفاد أيضا من تجربة المركز السعودي لزراعة الأعضاء لغرض التنسيق والتعاون والإدارة المشتركة لمثل هذه الخدمات الطبية المتشابهة، وتقديم الخدمات والمعلومات للأطباء، وللمرضى وذويهم.
ومن الأسباب ارتفاع التكاليف الطبية، وزيادة أجور ورواتب ومخصصات الأطباء الاستشاريين الأجانب والفنيين والصحيين، والحل هو سعودة الطب، والخدمات الصحية بقدر الإمكان، بفتح المزيد من كليات الطب ، والكليات الطبية المساعدة لمقابلة الطلب المتزايد على الخدمات الطبية، وكثرة السكان ، وكذلك ارتفاع أسعار المعدات والأجهزة الطبية، والأدوية، وارتفاع الإدارة الصحية بنظام العقود التشغيلية. فلو حسبت تكاليف إدارة التشغيل، وصرف نصفها على تدريب الموظفين السعوديين على إدارة المستشفيات والإدارة الصحية وصرف النصف الثاني على زيادة الأسرة والتنمية الصحية ، فقد يكون ذلك أولى.
لا شك أن البلاد تعلمت من إدارة العقود التشغيلية لإدارة المستشفيات ، واستفادت من تجارب الآخرين في الإدارة العلمية للخدمات الطبية، لأن الاستمرار في هذه العقود يزيد من التكاليف الطبية. فالرجوع إلى الإدارة الذاتية فيها توفير العمالة السعودية وتشغيلها، وفيها صرف الأموال محليا، وفيها تقليل العمالة الأجنبية العاملة في الحقل الصحي التي تكلفنا أيضا العناية الصحية بها.
إن هذه الأسباب المذكورة لزيادة التكاليف الطبية تقابلها الحلول المطروحة للتخصيص والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، والرغبة في دفع مسيرة التنمية الصحية في القطاع الصحي إلى الأمام، وهذا لا يقلل من النهضة الصحية التي نفذت خلال الخطط الخمسية الخمس السابقة، وما يتم الآن من تنفيذ للخطة الخمسية السادسة .
إن هذه الأفكار تصلح للاعتبار في الخطة الخمسية السابعة التي أرجو أن تكون مكملة لسابقتها وفيها استفادة من تجارب الخطط السابقة.
Σχόλια