التاريخ: ، يوم الثلاثاء ٢١محرم ١٤١٨هـ، الموافق ٢٧مايو ١٩٩٧م
الجريدة: جريدة الرياض
من القضايا الهامة في مجال حماية البيئة قضية طبقة الأوزون وما لحق بها من أضرار أدت إلى وجود ثقب في طبقة الأوزون في منطقة القطب الجنوبي .
والأوزون معناه في اللغة العربية الهواء النقي، وهو أحد مكونات الغلاف الجوي الخارجي المحيط بالأرض؛ وهذه الطبقة تحمي – بقدرة الله – الإنسان ، والكائنات الحية على الأرض من الأشعة فوق البنفسجية للشمس وهي التي تصيب الإنسان، والحيوان والنبات بأضرار جسيمة.
وعلى سبيل المثال في عام ١٩٩٣م حدث انخفاض في مستويات الأوزون فوق جميع مناطق أمريكا الجنوبية؛ حيث كان تركيز الأوزون منخفضا بوجه خاص فوق البرازيل سانتا کاترين (-۱۱٪)، وبارتا، وسوبالو (-۷٪)، وريودي جانيرو (-۳ إلى -٤٪). أما في المنطقة الشمالية فقد بلغ انخفاض تركيز الأوزون نسبة ٣% في فصلي الربيع والشتاء، وفي أبريل ١٩٩٤م كان انخفاض الأوزون فوق معظم أوروبا، وسيبيريا، والمناطق القريبة من المحيط القطبي بمعدل يزيد عن ١٠٪، وفوق أمريكا الشمالية، والمحيط الهادئ بلغ معدل الأوزون ۲- ٤٪ أقل من المعدل الطبيعي.
وبلغ النقص الكلي في معدل الأوزون حوالي ١٤٪ منذ عام ۱۹۷۰م. لذلك فإن طبقة الأوزون لا تزال في انخفاض متواصل، واعتبرت بعض الدوائر الانفجار البركاني لجبل بيناتوبو في عام ۱۹۹۱م السبب الرئيسي لنقص الأوزون في عام ١٩٩٣م، وذلك بسبب وصول نسبة كبيرة من الأتربة ، والأيروسول إلى طبقة الستراتوسفير، وربما كان وجود الأتربة، والأيروسول في المحيط الجوي قد انخفض ليصبح في عام ١٩٩٣م أقل ٦-٧مرات من مستواه في عام ۱۹۹۱م. لذلك فإن الأيروسولات البركانية يمكنها أن تفسر جانبا من النقص الملاحظ في طبقة الأوزون.
والحقيقة العلمية تقول إن الفجوة أو الثقب الحاصل الآن في طبقة الأوزون في القطب الجنوبي بدأت صغيرة، ثم توسعت بأسباب تلوث الهواء بمواد كيميائية نتيجة للمنتجات الصناعية الكيميائية واستخداماتها المتزايدة من قبل الإنسان بدون ترشید، ولا معرفة بأضرارها.
والمواد المؤثرة في طبقة الأوزون هي المواد الكيميائية، مثل الفريون الذي يدخل في صناعة المبردات والثلاجات المنزلية والمكيفات ، وكذلك المبيدات الحشرية، والإسفنج، والمواد العازلة، ومعدات إطفاء الحريق، ووسائل السلامة. وبذلك يكون كل بيت، وكل مکتب ، وكل سيارة عامل تلوث بيئي بهذه المواد التي تؤثر سلبيا على طبقة الأوزون.
وقد أوضحت اتفاقية فيينا في شهر مارس ۱۹۸۰م المتعلقة بطبقة الأوزون المنظمة لحماية طبقة الأوزون المواد الكيميائية المؤثرة عليه ، وكيفية التخلص منها تدريجيا وتبني المواد البديلة ، وقد بين ذلك بروتوكول مونتريال لعام ۱۹۸۷م بشأن المواد التي تستنفد طبقة الأوزون، وعدل البروتوكول في عام ۹۲/٩٠ويوليو ۱۹۹۳م.
وقد طالبت هذه الاتفاقيات الدولية الدول الصناعية بإيقاف إنتاج المواد الكيميائية المؤثرة على طبقة الأوزون، كما طالبت مستهلكي هذه المواد، سواء في الدول الصناعية، أو الدول النامية بضع برامج للتخلص من المخزون منها على مراحل، مسح ووضع خطط لمراحل إدخال البديل عنها.
وتضرر ثقب الأوزون يحدث في جميع الدول المتقدمة والنامية يسبب حدوث سلسلة من التفاعلات في طبقة الهواء الملوث بهذه المواد، حتى يؤدي إلى وجود الثقب، وبالتالي نفاذ الأشعة فوق البنفسجية من خلاله ، ومن ثم تعرض الإنسان، والكائنات الحية لأضرارها التي يسببها وجود الثقب أو الفجوة الحاصلة في طبقة الأوزون بسبب تلوث الهواء بالمواد الكيميائية الضارة.
بدأت القصة مع الثورة الصناعية عندما أنتجت المصانع مواد للاستعمال عديمة اللون، والمواد التي تضر وتؤدي إلى تأكل في طبقة الأوزون.
عندما بدأت الثورة الصناعية استفاد الناس من التقدم العلمي والبحث والتطوير ؛ وكان اهتمام الإنسان في السابق منصبا على الحفاظ على بيئته القريبة والمحيطة به؛ ولم يدر بخلده أن لها أضرارا بعيدة المدى، والسبب في ذلك يعود إلى أن هذه المواد عديمة اللون، وعديمة الرائحة، وليست سامة، وتطول فترة نفادها ومأمونة الأخطار هذه الصفات شجعت على التوسع في استخدام هذه المواد في التبريد والتكييف في المنازل، والمكاتب ، والمصانع، والمواد الزراعية التعقيم التربة .
ولما زاد استعمال هذه المواد، وأسرف الناس في استخدامها اكتشف أخيرا في السبعينات أن هذه المواد تتفاعل مع طبقات الجو العليا، حتى أوجدت ثقبا أو فجوة في طبقة الأوزون تنفذ منه الأشعة فوق البنفسجية وبدأت هذه المواد تفقد أهميتها وصفاتها الأساسية.
كان يوجد تعادل في طبقات الجو العليا، أما الآن فقد اختل هذا التوازن والمركبات الأخرى التي تؤدي إلى تلوث البيئة هي غازات النيتروجين التي تطلقها الطائرات. وأصبح العلماء يبحثون عن وقف تأكل طبقة الأوزون، ويبحثون عن بدائل للمواد الضارة بمواد صديقة لطبقة الأوزون.
وقد وجدت بدائل لقطاع التبريد، وقطاع صناعة الأسفنج، وأصبح الاهتمام بترشيد استخدام ما بقي من هذه المواد، وترشيد استخدام المواد المستعملة في إطفاء الحرائق ووسائل السلامة، والهدف هو وقف تأكل طبقة الأوزون، ووقف توسع الثقب فيه لأن الأشعة فوق البنفسجية تؤدي إلى أمراض كثيرة منها سرطان الجلد. وقد نصت الاتفاقيات الدولية لحماية طبقة الأوزون على التوقف عن إنتاج المواد المؤثرة على البيئة من قبل الدول الصناعية، وتوقف استخدامها من جميع الدول المتقدمة والنامية ولحماية البيئة، وينبغي أيضا ترشيد استخدام المواد المؤثرة على الإضرار بالبيئة ، وتشجيع استخدام المواد الصديقة . لقد عملت الدول مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة على حماية البيئة ؛ ويوجد الآن حوالي ۱٥۰ محطة رصد تركيز الأوزون، ومعرفة مدى نفاذ الأشعة فوق البنفسجية . فمثلا الفايبر جلاس يسبب السرطان؛ ولهذا فإن التوعية بأهمية حماية البيئة للمحافظة على طبقة الأوزون أمر هام تشترك في مسؤوليته الدول والحكومات، والأفراد، الحماية كون الأرض عالمنا المشترك.
Comments