نصت المادة (٣٠) الثلاثون من النظام الأساسي للحكم على : (توفر الدولة التعليم العام، وتلتزم بمكافحة الأمية).
كما نصت المادة الثالثة عشرة من النظام نفسه بتحديد هدف التعليم بأنه : يهدف إلى غرس العقيدة الإسلامية في نفوس النشء، وإكسابهم المعارف والمهارات ، وتهيئتهم ليكونوا أعضاء نافعين في بناء مجتمعاتهم ، محبين لوطنهم، معتزين بتاريخهم).
وينص النظام الأساسي للجامعات على أن أحد مصادر الدخل للجامعة التبرعات والمنح والوصايا والأوقاف، وكذلك دخل الجامعة من أي إيرادات تنتج عن القيام بمشاريع البحوث أو الدراسات أو الخدمات للآخرين. وهذا النص يثير أمرين أولهما التبرعات والمنح، والثاني الدراسات والبحوث.
التبرعات
ليس هناك من شك، أن جامعات المملكة تعاني من شح في الموارد المالية اللازمة لتطوير مختلف أنشطتها، بما في ذلك المباني والأموال اللازمة للبحوث . وإذا كانت الاعتمادات المالية التي تخصص للجامعات في ميزانية الدولة لا تفي أو تكفي لمثل هذا التطوير ، فليس هناك ما يمنع من الاستفادة من الموارد التي يتيح النظام للجامعات أن تستخدمها. ولكن جمع التبرعات لم يعد بالبساطة التي كان عليها في الماضي، بل أصبح علما قائما بذاته . وتختلف الوسائل التي تتبع لجمع الأموال من مؤسسة لأخرى، ومن جمعية الأخرى بحسب نشاطها، والظروف الأخرى المحيطة بها . والجامعات لها طبيعة خاصة تتميز بها عن بقية المؤسسات والجمعيات التي تنشد التبرعات.
ومن الميزات التي تنفرد بها الجامعات عن بقية المؤسسات أو الجامعات أن هذه الجامعات تستمر لعشرات السنوات . إن لم تكن لمئات السنوات ، لذلك فإن إطلاق اسم المتبرع على مبنى، أو على قاعة يخلد ذلك الاسم لسنوات عديدة ، ويجعل خلف المتبرع يرعون الجامعة من بعده حفاظا على اسم سلفهم. ودعم النواحي التعليمية تستهوي كثيرا من المتبرعين، خاصة إذا ركزت الجامعات على أنواع من الدراسات التي يرغب المتبرع أو يشعر بأن هناك حاجة لها في المجتمع، أو ستسهم في تطوير البلد أو المنطقة في المستقبل، وهذا ما يحدث في الغرب الذي نمت فيه الجامعات وتطورت، وأصبحت رافدا هاما في تزويد المجتمع بالأيدي العاملة الماهرة ، والعقول المطلوبة للتطوير والأبحاث، وتنافست تلك الجامعات فيما بينها؛ وتنافس المتبرعون من الشركات والأفراد خاصة خريجي تلك الجامعات في التبرع لها . لذلك لابد من تزويد قسم العلاقات العامة في الجامعات بالكفاءات المدربة في جمع التبرعات، وأن تقوم تلك الأقسام بوضع الخطط لجمع التبرعات، وأن توضع لها أهداف يجب أن تحققها . ومن ذلك أن تبرع القطاع الأهلي والمواطنين الذين يوصون من بعد وفاتهم بجزء من ثرواتهم للجامعات يخلق لحمة بين الجامعة والمواطنين .
البحوث والدراسات
إن اللحمة التي ننشدها بين المجتمع والجامعة عن طريق التبرعات تزداد وتقوى بالقيام بدراسات يطلبها القطاع الأهلي أو الحكومي، سواء منه الصناعي أو التجاري. والقيام بهذا النوع من الدراسات والبحوث يجعل الجامعات تتفاعل مع المجتمع أخذا وعطاء، كما تسمح لخريجي الجامعات بأن يحصلوا على تدريب عملي أثناء دراستهم ؛ ويبلور أنشطة القطاع الأهلي مع مخرجات الجامعة . كما يمكن للجامعات تلبية متطلبات القطاع الأهلي من القوى العاملة بالتأهيل الذي يرغب، وفي المجالات التي يحتاج، ويشكل مورد دخل للجامعات يمكن الاستفادة منه لمزيد من الأبحاث والتطوير، وهكذا تكتمل الحلقة التي قد تخلق دخلا دائما متناميا للجامعات.
إن هذه الخطوة تحفظ حق المتبرع ؛ وتخليد اسمه واسم عائلته لكي تكون قدوة حسنة لغيره في سبيل خدمة هذا الوطن ؛ وهذه سنة حميدة سبقنا إليها آباؤنا الأولون عبر تاريخنا العربي والإسلامي، وسارت عليها الأمم، وهي أسلوب حضاري يؤدي إلى نشر العلم، وتقدير العلماء، وتشجيع الدراسات والأبحاث العلمية، ويساهم في نشر المعرفة، وتطوير التعليم، واستيعاب عدد أكثر من الطلاب بفتح کلیات وأقسام علمية جديدة في الجامعات الحالية وفتح كليات وجامعات جديدة في المناطق التي لا توجد فيها كليات أو جامعات . إن هذه الخطوة تستحق التأمل والتقدير والدراسة من قبل المسئولين عن التعليم في المملكة ، وهي سبيلنا إلى التقدم والتنمية الشاملة .
إن ما نصت عليه المادتان (۱۳، ۳۰) من النظام الأساسي للحكم هو عدم التزام الحكومة بالتعليم العالي . ولهذا فإن تقديم الحكومة في وقت سابق و حالي من التعليم الجامعي هو خدمة وطنية في سبيل نشر التعليم العالي يقع على القطاع الأهلي لمساندة الحكومة فيما تقدمه من جهود مباركة . ولا ضير في أن تقبل الجامعات السعودية الهدايا والهبات، كما نص على ذلك نظام الجامعات، وأنظمة الجامعات السعودية ، وقد جاءت مشاركة القطاع الأهلي في التعليم في وقتها وإن ما تضمنه نظام الجامعات السعودية من نصوص نظامية يجيز قبول المؤسسين من المواطنين لدعم المسيرة التعليمية ويوجد التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص في تنفيذ خطط التنمية الشاملة ، حتى لو اشترطوا إطلاق أسمائهم على المرافق التعليمية ، وغيرها من الشروط المشروعة، كشرط الوقف، وذلك تشجيعا لغيرهم من المتبرعين على إقامة المشروعات التعليمية التي يمولونها، أو الكليات التي يؤسسونها. وخلاصة الموضوع يستحسن حث الجامعات على التفاعل مع المجتمع بالوسائل التالية :
١- استخدام مصادر الدخل الآخر التي ينص عليها نظام الجامعات الأساسي غير التمويل الحكومي، مثل التبرعات والمنح، والوصايا والأوقاف، والإيرادات التي تنتج عن القيام بمشاريع البحوث أو الدراسات، أو الخدمات العلمية للآخرين.
۲- تزويد قسم العلاقات العامة في الجامعات بالكفاءات الخبيرة المدربة القادرة
على تفعيل مصادر الدخل الأخرى، والاستفادة القصوى منها بوضع الخطط
المناسبة لذلك، وتهيئة الرأي العام لذلك.
٣- إشراك ثلاثة من خارج النطاق الأكاديمي والحكومي في مجلس إدارة كل
جامعة، لتشعر الجامعة بنبض المجتمع وحاجاته من أعلى سلطة ترسم سياساتها بما يحقق التفاعل الكامل مع المجتمع.
وقد كانت مناسبة بدء اجتماعات الهيئة التأسيسية لكلية الأمير سلطان الأهلية ، مما شجع هذا التوجه .
Comments